الأربعاء، 27 فبراير 2013

لا تعترض على كل شيء

ذكر أن محاضراً كان يتكلم عن فن الحوار .. فعرض شيئاً من قصة يوسف عليه السلام .. فلما وصل إلى قوله تعالى :
( وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ ۖ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا ۖ وَقَالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ ۖ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ ۖ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ)
جعل يتأمل في الحاضرين ثم سألهم : ودخل معه السجن فتيان ؟! أيهما دخل قبل الآخر .. يوسف أم الفتيان ؟
فصاح أحدهم : يوسف ..فصاح آخر : لا .. لا .. الفتيان ..فانطلق ثالث : لا .. لا .. بل يوسف .. يوسف ..فاستذكى رابع وقال : دخلوا مع بعض !!وتكلم خامس .. وارتفع اللغط .. حتى ضاع الموضوع الأساسي ..  ويبدو أن المحاضر قصد ذلك
فجعل يتأمل وجوههم .. والوقت يمضي ..ثم ابتسم ابتسامة عريضة .. وأشار لهم بخفض الأصوات وقال : وما المشكلة !! دخل قبلهم أو دخلوا قبله !! هل تستحق المسألة كل هذا الخلاف ؟!فعلاً ..لو تأملت واقعنا لوجدت أننا في أحيان كثيرة نكون ثقلاء على الآخرين بكثرة اعتراضنا على ما يقولون فيكون أحدهم متحمساً في قصة يحكيها .
.
ثم يفاجأ بمن يعترض ويفسد عليه متعة الحديث بالاعتراض على أشياء لا تؤثر في القصة شيئاً
نعم .. لا تكن ثقيلاً تعترض على كل شيء ..

ضجيج الصراصير

إذا مرَّ القطار ، وسمعت جلبة لإحدى عرباته فاعلم أنها فارغة..
 وإذا سمعت تاجراً يحرّج على بضاعته وينادي عليها فاعلم أنها كاسدة،
إن السيف يقص العظام وهو صامت، والطبل يملأ الفضاء وهو أجوف
فكل فارغ من البشر والأشياء له جلبة وصوت وصراخ ، أما العاملون المثابرون فهم في سكون ووقار ؛ لأنهم مشغولون ببناء صروح المجد وإقامة هياكل النجاح.
هبطت بعوضة على نخلة، فلما أرادت أن تطير قالت للنخلة: تماسكي أيتها النخلة فأنا سوف أطير، فقالت النخلة للبعوضة: والله ما شعرت بك يوم وقعت فكيف أشعر بك إذا طرتِ
 الأسد لا يأكل الميتة، والنمر لا يهجم على المرأة لعزة النفس وكمال الهمة، أما الصراصير والجعلان (حشرة تعيش على القذارة والقمامة) ، فعملها في القمامة وإبداعها في الزبالة.
إن سنبلة القمح الممتلئة خاشعة ساكنة ثقيلة ، أما الفارغة فإنها في مهب الريح لخفتها وطيشها، وفي الناس أناس فارغون مفلسون أصفار ، رسبوا في مدرسة الحياة ، وأخفقوا في حقول المعرفة والإبداع والإنتاج ، فاشتغلوا بتشويه أعمال الناجحين، هؤلاء الأغبياء الكسالى التافهون مشاريعهم كلام ، وحججهم صراخ ، وأدلتهم هذيان لا تستطيع أن تطلق على أحدهم لقباً مميّزاً ولا وصفاً جميلاً ، فليس بأديب ولا خطيب ولا كاتب ولا مهندس ولا تاجر ولا يُذكر مع الموظفين الرواد ، ولا مع العلماء الأفذاذ ، ولا مع الصالحين الأبرار ، ولا مع الكرماء الأجواد ، بل هو صفر على يسار الرقم ، يعيش بلا هدف، ويمضي بلا تخطيط ، ويسير بلا همة، ليس له أعمال تُنقد، فهو جالس على الأرض والجالس على الأرض لا يسقط ، لا يُمدح بشيء ، لأنه خال من الفضائل ، ولا يُسب لأنه ليس له حسّاد.

الرزق معلوم والاجل محتوم

  
حدَث إبان الثورة الأمريكية أن رأى الوزير المالي للمستعمرات الشرقية روبرت موريس
حلما أنه سيُقتل بقذيفة مدفعية أثناء زيارته لإحدى سفن البحرية في اليوم التالي، وقد أقلقه الحلم لدرجة أنه فكَّر في إلغاء الزيارة، إلا أنه عدل عن رأيه، وقرر
اتخاذ «الاحتياطات» اللازمة، فأصدر أوامره إلى قائد السفينة بأن لا تطلق مدافع التحية أبدا حتى يعود إلى الشاطئ، كما حذَّره من ملء الجنود لأي أسلحة نارية أو وجود أي بارود على ظهر السفينة، وبالفعل انتهت الزيارة بسلام، واستقل موريس وأعوانه أحد القوارب نحو الشاطئ، وفي تلك الأثناء كان قائد السفينة يراقب وصول القارب، فوقفت ذبابة على أنفه فرفع يدها ليبعدها، فظن أحد الجنود أنها إشارة البدء بإطلاق مدافع التحية، وهكذا أطلق الجندي قذيفة انحرفت باتجاه القارب الذي يستقله موريس فتسببت في موته وهو يُهِمُّ بالنزول إلى الشاطئ!!وصدق رسول الله - صلى الله عليه و سلم - حين قال: «إن روح القدس نفث في روعي : أنه لن تموت نفس حتى تستوفي رزقها وأجلها ».

خالد بن الوليد .. رمى بنفسه في مواطن القتل كلها، فما قتله سيف الحرب إنما قتله سيف المرض فمات على فراشه،
إنها الشجاعة التي صاغها عمر بن عبد العزيز دعاءً حين عرضوا عليه أن يتخذ حرسا، ويحترز في طعامه وشرابه، فرفع الراشد الخامس يديه إلى السماء داعيا بصدق وخشوع: اللهم إن كنتَ تعلم أني أخاف دون القيامة شيئا فلا تُؤَمِّن خوفي!!
وصدق محمد إقبال حين قال:إني رأيت الخوف في الدنيا عدوا للعمل
هو مطفئٌ نورَ الرجاء وسالبٌ كنزَ الأمل
يرمي الإرادة بالتزلزل والعزيمة بالخَوَر
ومن احتواه الخوف لا يجني من الروض الثمر
ثم بيَّن حلاوة عقبى الشجاعة وسوء عاقبة الجبن فقال
المؤمن الوثَّاب تعصِمه من الهـــول السكـينه
والخائف الهيَّاب يغرق وهو في ظل السفيـنه
تلقاه عند شبـابه هرما قد انحطّت قـواه
وتعثَّـرت قدماه قبل الخَطْو وارتعشت يـداه

ارسم الجانب الجميل

يحكى انه كان يوجد ملك أعرج ويرى بعين واحده ، وفي احد الأيام دعا هذا الملك فنانين ليرسموا له صوره شخصيه بشرط أن لا تظهر عيوبه في هذه الصورة،  
فرفض كل الفنانين رسم هذه الصورة !
فكيف سيرسمون الملك بعينين وهو لا يملك سوى عين واحده ؟ وكيف يصورونه بقدمين سليمتين
وهو أعرج ؟
ولكن ……..وسط هذا الرفض الجماعي   قبل احد الفنانين رسم الصورة
وفعلا رسم صوره جميله وفي غاية الروعة
كيف ؟
تصور الملك واقفا وممسكا ببندقيته الصيد ( بالطبع كان يغمض إحدى عينيه ) ويحني قدمه العرجاء .
وهكذا رسم صورة الملك بلا عيوب وبكل بساطه  ـ  ليتنا نحاول أن نرسم صوره جيده للآخرين ـ  مهما كانت عيوبهم واضحة …..
وعندما ننقل هذه الصورة للناس  نستر الأخطاء  فلا يوجد شخص خال من العيوب
فلنأخذ الجانب الإيجابي داخل أنفسنا  وأنفس الآخرين ونترك السلبي

ليس دائما ً: تقول أمي الحقيقة !!..

من روائع مصطفى العقاد )
ثماني مرات : كذبت أمي عليّ !!!….
تبدأ القصة عند ولادتي ، فكنت الابن الوحيد في أسرة شديدة الفقر فلم يكن لدينا من الطعام ما يكفينا …. وإذا وجدنا في يوم من الأيام بعضا ًمن الأرز لنأكله ويسد جوعنا : كانت أمي تعطيني نصيبها .. وبينما كانت تحوِّل الأرز من طبقها إلى طبقي كانت تقول : يا ولدي تناول هذا الأرز ، فأنا لست جائعة ..وكانت هذه كذبتها الأولى
وعندما كبرت أنا شيئا قليلا كانت أمي تنتهي من شئون المنزل
وتذهب للصيد في نهر صغير بجوار منزلنا ،
وكان عندها أمل أن أتناول سمكة قد تساعدني على أن أتغذى وأنمو ،
وفي مرة من المرات استطاعت بفضل الله أن تصطاد سمكتين ،
أسرعت إلى البيت وأعدت الغذاء ووضعت السمكتين أمامي
فبدأت أنا أتناول السمكة الأولى شيئا فشيئا ،
وكانت أمي تتناول ما يتبقى من اللحم حول العظام والشوك ،
فاهتز قلبي لذلك ،
وضعت السمكة الأخرى أمامها لتأكلها ، فأعادتها أمامي فورا وقالت :يا ولدي تناول هذه السمكة أيضا ، ألا تعرف أني لا أحب السمكوكانت هذه كذبتها الثانية
وعندما كبرت كان لابد أن ألتحق بالمدرسة ،
ولم يكن معنا من المال ما يكفي مصروفات الدراسة ،
ذهبت أمي إلى السوق واتفقت مع موظف بأحد محال الملابس
أن تقوم هي بتسويق البضاعة بأن تدور على المنازل
وتعرض الملابس على السيدات ،
وفي ليلة شتاء ممطرة ، تأخرت أمي في العمل وكنت أنتظرها بالمنزل ، فخرجت أبحث عنها في الشوارع المجاورة ،
ووجدتها تحمل البضائع وتطرق أبواب البيوت ،
فناديتها : أمي ، هيا نعود إلى المنزل فالوقت متأخر
والبرد شديد وبإمكانك أن تواصلي العمل في الصباح ،
فابتسمت أمي وقالت لي : يا ولدي.. أنا لست مرهقة ..وكانت هذه كذبتها الثالثة
وفي يوم كان اختبار آخر العام بالمدرسة ،
أصرت أمي على الذهاب معي ،
ودخلت أنا ووقفت هي تنتظر خروجي في حرارة الشمس المحرقة ،
وعندما دق الجرس وانتهى الامتحان خرجت لها
فاحتضنتني بقوة ودفء وبشرتني بالتوفيق من الله تعالى ،
ووجدت معها كوبا فيه مشروب كانت قد اشترته لي كي أتناوله عند خروجي ، فشربته من شدة العطش حتى ارتويت ،
بالرغم من أن احتضان أمي لي : كان أكثر بردا وسلاما ،
وفجأة نظرت إلى وجهها فوجدت العرق يتصبب منه ،
فأعطيتها الكوب على الفور وقلت لها : اشربي يا أمي ،
فردت : يا ولدي اشرب أنت ، أنا لست عطشانة ..وكانت هذه كذبتها الرابعة
وبعد وفاة أبي كان على أمي أن تعيش حياة الأم الأرملة الوحيدة ،
وأصبحت مسؤولية البيت تقع عليها وحدها ،
ويجب عليها أن توفر جميع الاحتياجات ،
فأصبحت الحياة أكثر تعقيدا وصرنا نعاني الجوع ،
كان عمي رجلا طيبا وكان يسكن بجانبنا ويرسل لنا ما نسد به جوعنا ، وعندما رأى الجيران حالتنا تتدهور من سيء إلى أسوأ ،
نصحوا أمي بأن تتزوج رجلا ينفق علينا فهي لازالت صغيرة ،
ولكن أمي رفضت الزواج قائلة : أنا لست بحاجة إلى الحب ..وكانت هذه كذبتها الخامسة
************************
وبعدما انتهيت من دراستي وتخرجت من الجامعة ،
حصلت على وظيفة إلى حد ما جيدة ،
واعتقدت أن هذا هو الوقت المناسب لكي تستريح أمي
وتترك لي مسؤولية الإنفاق على المنزل ،
وكانت في ذلك الوقت لم يعد لديها من الصحة
ما يعينها على أن تطوف بالمنازل ،
فكانت تفرش فرشا في السوق وتبيع الخضروات كل صباح ،
فلما رفضت أن تترك العمل خصصت لها جزءا من راتبي ،
فرفضت أن تأخذه قائلة : يا ولدي احتفظ بمالك ،
إن معي من المال ما يكفيني ..وكانت هذه كذبتها السادسة
وبجانب عملي واصلت دراستي كي أحصل على درجة الماجيستير ،
وبالفعل نجحت وارتفع راتبي ،
ومنحتني الشركة الألمانية التي أعمل بها الفرصة
للعمل بالفرع الرئيسي لها بألمانيا ،
فشعرت بسعادة بالغة ،
وبدأت أحلم ببداية جديدة وحياة سعيدة ،
وبعدما سافرت وهيأت الظروف ،
اتصلت بأمي أدعوها لكي تأتي للإقامة معي ،
ولكنها لم تحب أن تضايقني
وقالت : يا ولدي .. أنا لست معتادة على المعيشة المترفةوكانت هذه كذبتها السابعة
كبرت أمي وأصبحت في سن الشيخوخة ،
وأصابها مرض السرطان اللعين ،
وكان يجب أن يكون بجانبها من يمرضها ،
ولكن ماذا أفعل فبيني وبين أمي الحبيبة بلاد ،
تركت كل شيء وذهبت لزيارتها في منزلنا ،
فوجدتها طريحة الفراش بعد إجراء العملية ،
عندما رأتني حاولت أمي أن تبتسم لي
ولكن قلبي كان يحترق لأنها كانت هزيلة جدا وضعيفة ،
ليست أمي التي أعرفها ،
انهمرت الدموع من عيني ولكن أمي حاولت أن تواسيني
فقالت : لا تبكي يا ولدي فأنا لا أشعر بالألموكانت هذه كذبتها الثامنة
وبعدما قالت لي ذلك ، أغلقت عينيها ، فلم تفتحهما بعدها أبدا

درس من أبي

نجد احد الإباء الذي أراد مرة أن يختبر ذكاء ابنه الشاب ومدى بداهيته وحسن تصرفه في المواقف الطارئة والحالات الحرجة .
كان الوالد يقف في المطبخ قرب إناء يسلق فيه بيضا , عندما نادى ولده فلما دخل , اخرج الوالد بيضة وقذفها فجأة نحو ابنه . وبردة فعل طبيعية التقط الولد البيضة بيديه . وما أن استقرت حتى أحس بالسخونة الشديدة تلسع كفه فنقلها إلى اليد الأخرى فاحترقت , فاخذ ينقلها من يد إلى أخرى وهو مندهش ومرتبك وفي حيرة من أمره يتمتم ببعض الأحرف والكلمات : ماذا ؟ لم ..؟ أين ..؟ ما تريد ..؟
أما الوالد فكان في الجهة الأخرى يقهقه ساخرا من اضطراب ولده وتصرفاته . وأخيرا ترك الولد البضة تسقط من يديه ووقف مذهولا متوجعا من حروق يديه .. ودون أن يتكلم الوالد طلب من ابنه أن يقف مكانه ويأخذ دوره في اللعبة وان يقذف البيضة إليه .
وفعل الولد ما أمره والده فرمى البيضة نحوه وما أن امسك بها الرجل حتى أعادها فورا إلى ولده الذي امسك بها فوقع في المأزق نفسه ثانية .
ضحك الوالد كثيرا مما جرى وحين هدأ قال لولده : تعلم يا بني ، أنه أذا رمى إليك احدهم بشيء ما دون أن تطلبه , فأعده إليه ثانية دون تردد أو انتظار , ودع الكرة في مرماه دائما .

فكر بغيرك / محمود درويش

فكر بغيرك

للشاعر محمود درويش
وأنتَ تُعِدُّ فطورك، فكِّر بغيركَ
لا تَنْسَ قوتَ الحمام
وأنتَ تخوضُ حروبكَ، فكِّر بغيركَ
لا تنس مَنْ يطلبون السلام
وأنتَ تسدد فاتورةَ الماء، فكِّر بغيركَ
مَنْ يرضَعُون الغمامٍ
وأنتَ تعودُ إلى البيت، بيتكَ، فكِّر بغيركَ
لا تنس شعب الخيامْ
وأنت تنام وتُحصي الكواكبَ، فكِّر بغيركَ
ثمّةَ مَنْ لم يجد حيّزاً للمنام
وأنت تحرّر نفسك بالاستعارات، فكِّر بغيركَ
مَنْ فقدوا حقَّهم في الكلام
وأنت تفكر بالآخرين البعيدين، فكِّر بنفسك
قُلْ: ليتني شمعةُ في الظلام