الخميس، 21 أغسطس 2014

الآن فهمت القضية الفلسطينية



روى الدكتور معروف الدواليبي -رحمه الله- هذا اللقاء الهام الذي دار بين الملك فيصل بن عبد العزيز -رحمه الله- والجنرال شارل ديغول قبيل حرب حزيران 1967 مع رئيس وزرائه (جورج بومبيدو)، فلما بدأ الاجتماع بين الرجلين قال شارل ديغول للملك فيصل -رحمه الله: يتحدث الناس يا جلالة الملك أنكم تريدون أن تقذفوا بإسرائيل إلى البحر وإسرائيل هذه أصبحت أمرًا واقعًا ولا يقبل أحد في العالم رفع هذا الأمر الواقع..

أجاب الملك فيصل: يا فخامة الرئيس؛ أنا أستغرب كلامك هذا! إن هتلر احتل باريس وأصبح احتلاله أمرًا واقعًا وكل فرنسا استسلمت إلا (أنت) انسحبت مع الجيش الانجليزي وبقيت تعمل لمقاومة الأمر الواقع حتى تغلبت عليه، فلا أنت رضخت للأمر الواقع، ولا شعبك رضخ..! فأنا أستغرب منك الآن أن تطلب مني أن أرضى بالأمر الواقع. والويل يا فخامة الرئيس للضعيف إذا احتله القوي وراح يطالب بالقاعدة الذهبية للجنرال ديجول أن الاحتلال إذا أصبح واقعًا فقد أصبح مشروعًا....

دهـش ديغول من سرعة البديهة والخلاصة المركزة بهذا الشكل. 

فغير لهجته وقال: يا جلالة الملك يقول اليهود إن فلسطين وطنهم الأصلي وجدهم الأعلى إسرائيل ولد هناك...

أجاب الملك فيصل: فخامة الرئيس أنا معجب بك لأنك متدين مؤمن بدينك وأنت بلا شك تقرأ الكتاب المقدس، أما قرأت أن اليهود جاءوا من مصر غـزاة فاتحيـن.... حرقوا المدن وقتلوا الرجال والنساء والأطفال؟ فكيف تقول إن فلسطين بلدهم، وهي للكنعانيين العرب، واليهود مستعمرون وأنت تريد أن تعيد الاستعمار الذي حققته إسرائيل منذ أربعة آلاف سنة. 

فلماذا لا تعيد استعمار روما لفرنسا، الذي كان قبل ثلاثة آلاف سنة فقط!!؟ أنصلح خريطة العالم لمصلحة اليهود، ولا نصلحها لمصلحة روما!!؟ ونحن العرب أمضينا مئتي سنة في جنوب فرنسا في حين لم يمكث اليهود في فلسطين سوى سبعين سنة ثم نفوا بعدها.....

قال ديغول: ولكنهم يقولون إن أباهم ولد فيها!!!...

أجاب الملك فيصل: غريب!!! عندك الآن مئة وخمسون سفارة في باريس وأكثر السفراء يولد لهم أطفال في باريس، فلو صار هؤلاء الأطفال رؤساء دول وجاءوا يطالبونك بحق الولادة في باريس!! فمسكينة باريس!! لا أدري لمن ستكون!!؟

سكت ديغول، وضرب الجرس مستدعيًا (بومبيدو) وكان جالسًا مع الأمير سلطان ورشاد فرعون في الخارج. 

وقال ديغول: الآن فهمت القضية الفلسطينية. وكانت إسرائيل يومها تحارب بأسلحة فرنسية وليست أمريكية.

ليست هناك تعليقات: